الخليفة الحاج محمد نياس - جانب مقتضب من سيرته وأدبه

Mame Khalifa Niass

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

إن الإسلام منذ انطلق من البلد الحرام لم يتوقف في صنع رجالات يصبحون مع التاريخ يمثل الناس فيهم الإسلام، شيخ الإسلام، حجة الإسلام، فخر الإسلام...

ومن طلائع أولئك الرجال في غرب أفريقيا جنوب الصحراء، هذا العلامة الجليل الشيخ الخليفة الحاج محمد نياس ابن الحاج عبد الله.

اسمه محمد بن عبد الله بن محمد، واشتهر باسم الخليفة، وباسم الحاج؛ حيث حج مبكرا، وخلف والده من بعده في زاويته الصوفية التجانيَّة. 
وأشهر أهل بيته هو أخوه الشيخ إبراهيم نياس الكولخي، صاحب (الفيضة) المشهورة.
 ويصل نسبهم إلى عربي اسمه الرضا، نزح من الشرق ربما مع الفتوحات الإسلامية، إلى حيث السنغال اليوم، وتزوج بنتا من بيت ملوك كجور آنذاك تسمى بِ "جَيْلَ نياسْ، وأخذ ولده لقب هذه السيدة (انياس)، واستمر فيهم إلى الآن.

وربما يرجعون نسب جدهم (الرضا) هذا إلى الصحابي الجليل عقبة بن نافع الفهري رضي الله عنه، وعلى كل حال كان مترجمنا الخليفة محمد نياس في أثناء افتخاره أحيانا بحسن شعره وأدبه يلتفت إلى هذه السلالة العربية، فاسمعه مثلا في ختام قصيدة له في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:

قد لاكَها عربيُّ الأصل منتسبا
إلى البِطاحِ بِطاحِ البَيتِ والحَرَمِ

وعبر عن المعنى مرة أخرى بهذا البيت:

وأصلنا عرب هذي الشمائل قد
دلت عليه وهذا الشعر قسطاسي

وتجد مترجمه الشنقيطي يعلق على هذا البيت بقوله: " ولقد صدق والله؛ ففي شعره طلاوة لا تكون لأشعار صراح العجم، ولهم شمائل سماح شاهدة له "

وقد كان يمتثل كثيرا بهذين البيتين لشاعر حساني من بلاد شنقيط:

إنا بني حسن دلت فصاحتنا
أنا إلى العرب العرباء ننتسب

إن لم تقم بينات أننا عرب
ففي اللسان بيان أننا عرب

فلا جرم بعد هذا أنه يسرهم كثيرا بيت شاعر شنقيطي فيهم:

أبناء (أنياسَ) قد دلت شمائلهم
بأن عنصرهم ينمى إلى العرب

فانتساب ناس سود في أقصى غرب أفريقيا إلى بيوت البيضان العرب في الأبطح المقدس لا يستبعده من ألم بعوامل الاحتكاكات العرقية؛ جراء توسع الرقعة الإسلامية مع الفتوحات والهجرات، وإن كان البعض يفندونهم في هذه الانتسابات، ويجعلون سبب هذا الشعور بدونية الجلد الأسود جنب الجلد العربي الأبيض: شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان بعض الأوائل من شيوخنا لا يغريه شيء من مجرد نصاعة البشرة، وشفافية اللون، والانتساب إلى فلان أو علان، فمناط الفضل والشرف هو تقوى الله، فهذا الشيخ إبراهيم (خُورُوجُو كَا) من طبقة المترجم يدافع عن الزنج يقول:

إن عيَّرونا باسوداد جلودنا
فالفضل لا يحوى بجلد أحمر

نرجع إلى حديثنا، فنقول: صاحبنا هو الحاج نياس، أو الخليفة نياس، أو محمد آمنة؛ حيث إن أمه هي آمنة تشامْ بنت إبراهيم، وكل هذه تسميات له مشهورة. فهو محمد، أبوه عبدالله، أمه آمنة، واغتبط كثيرا بهذا التوافق مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الثالوث الشريف يقول فيه:

تواطئي الإسمَ واسمَ الوالدين به
لي ذمة وهو أوفى الخلق بالذمم

وُلد في منطقة (سالُومْ) جنوب السنغال، حيث انتقل إليها والده، وجده والد والده، وجده والد والدته ( إبراهيم تشام خال أبيه ) وآخرون من أئمة وعلماء غادروا جُولوفْ وفُوتا للوقوف مع صف المجاهد الإمام مباجاخو با، ضد الوثنية الطاغية، وضد الاستعمار الغاشم.

وولد الخليفة في غير بعيد جدا من مدينة كَوْلَخْ عاصمة الإقليم، ظهر يوم الجمعة ثاني رمضان عام ١٢٩٨هجري، ٢٩-٠٧-١٨٨١م. وهناك في (سالوم) تعلم القرآن الكريم على والده الذي كان شيخ محضرة كبيرة، وشيخ زاوية صوفية تجانية، وعنه أيضا أخذ دروس كل ما تعلم من العلوم والفنون كما صرح هو بذلك، ولا ننسى الإشارة إلى أنه تأثر كثيرا بالشيخ أحمد سُكَيْرِجَ المغربي، من خلال لقاء واحد دام ثلاثة أيام في بيت هذا الأخير في مدينة الجديدة بالمغرب، ومن خلال مراسلات كثيرة، كان الشيخ سكيرج في كثير منها يجيب على أسئلته المتنوعة، وفي بعضها يمده بأسرار عالية، وحينا يوجه ويرشد، وينصح ويوصي...، مثل وصيته له بأن يجعل جل جهوده العلمية في خدمة سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي الإكثار من مدح ذلك الجناب الطاهر، وأن لا ينساه في ذكره داخل قصائده وابتهالاته. وفعلا؛ التزم الخليفة بكل تلك التوصيات، كما هو جلي في تآليفه.
  إن العلامة محمد نياس مع مضايقات وضغوطات كثيرة على والده من قبل الاستعمار الفرنسي، وكان (الخليفة) محور بعض بعض تلك المشكلات؛ طلبوا من والده أن يدخله المدرسة الفرنسية فرفض؛ ما ألجأ والده أن ينتقل ( وقد تعود التنقلات) إلى غامبيا مستعمرة الإنجليز، وسكنوا أخيرا مدينة كولخ بعد سنة من عودته من الحج، وعودة والده من زيارة شيخه الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه، فهو قد حج قبل ذلك بكثير، وكانت سكناهم لمدينة كولخ عام ١٣٢٩ من الهجرة ١٩١١م 

بعد عشر سنوات من هذا التاريخ يُتوفى والده رحمه الله، ليصير هو بتعيين والده خليفته في المجلس، ومعبأ سره ووراثته في الزاوية.

إن من أبرز ما يعرف به الشيخ الخليفة كثرة التآليف وحسن الشعر والأدب، لا سيما في مجال سيرة ومدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومدح شيخه أبي العباس أحمد التجاني رضي الله عنه، وحتى لا أطيل أكتفي بجانب كتاباته حول النبي صلى الله عليه وسلم، فهي التي أولاها جل اهتماماته، حتى إنه ختم حياته بسبع قصائد في مدائح نبوية، أسماها ( النفحات القدسية، بالأمداح النبوية ) 
هذه القصائد التي قال شارح ديوانه النبوي: إن الخليفة أنشأها بعد حال قوي جعله لم يعد يتصرف كإنسان عادي من أكل وشرب وجميع المألوفات الإنسانية حوالي نصف شهر، وبعد إفاقته من الحال، ( وعادت ريمة إلى عادتها القديمة ) بدأ يكتبها ثم توفي بعد ذلك بقليل رحمه الله. وقد أخذ هذا المشوار وهو دون الثلاثين من عمره، فمما كتبها في تلك السن المبكرة قصيدته طريق الجنان، في مدح خير بني عدنان، وهي تناهز مئتي بيت، وقصيدته نيل المرام، في مدح خير الأنام، وتربو على ثلاثمئة بيت. ولا ننسى القول بأنه في جل قصائده الساحق، شاعر على الطراز التقليدي في بناء القصيدة، الذي كان هو السائد في سائر شعراء بني عصره من قومه، وقد حاول أن يظهر مرات في صورة الحداثيين في الشعر.

 وقد أشاد بمدح النبي صلى الله عليه وسلم مرات في نظمه وفي نثره، كقوله:

"الحمد لله الذي جعل مدح المصطفى أفضل ما يتحلى به أهل الصفاء، وأحسن ما نطقت به ألسن البلغاء، ونمقته قوارع من ينظم عقود در الأمداح من الأدباء..."
وكلامه الشعري في هذا المعنى أكثر من أن يحصى، وعلى كل حال فمدح النبي صلى الله عليه وسلم ميدان أبلى فيه المتصوفة بلاء حسنا، وركضوا فيه بخيلهم ورجلهم، وأحرى من بعد سلطان المادحين شرف الدين البوصيري، الذي غبطه جميعهم بهمزيته، بل بميميته (البردة) فهذا واحد منهم ينوه بفضل مدح النبي، ويضمن تعبيره معنى حديث لا يصححه أهل الحديث وهو:

ومادح النبي بشطر كانا
له شفيعا في حديث بانا

وفي الرواية استواء من حكى
وناشئِ البيت السجلماسي حكى

وحتى صاحبنا الخليفة الحاج محمد نياس أورد هذين البيتين بكل اقتناع في كتابه النثري: (الأدلة المقنعة، إلى طرق المنفعة)
بل اقتبس من هذا المعنى في بيته التالي:

عقدي بمدح الذي من كان يمدحه
ولو بشطر كلام فاز بالأمل

فلا غرو إذن أن يجعل من حياته كلها لسانا لاهجا بمدح النبي صلى الله عليه وسلم، واتخاذه بضاعته الرائجة الرابحة إن شاء الله:
بضاعتي حوك مدح المصطفى دررا
بأوجز اللفظ والأسلوب والحكم

 لقد غطى الخليفة محمد آمنة نياس مادة السيرة النبوية بمصنفات مُجمِلا ومُفصِّلا، منها:
 -مرآة الصفا، في سيرة المصطفى (حوالي ٨٠٠ بيت)
-المواهب الإلهية في الغزوات النبوية
- الهمزية الوهبية، رتب فيها الغزوات بتفصيل من بدر إلى تبوك، ثم شرحها بنفسه.
-ذخيرة العطايا، في الوفود والبعوث والسرايا
-شفاء الصدر، فيمن حضر وقعة بدر
-الفيض الرباني، في التوسل بأسماء النبي العدناني
-فوز السعداء، في التوسل بالشهداء. ذكر فيه من استشهدوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
-قلائد المرجان، في الطب النبوي الروحاني.
-وشي الديباج، في مدح صاحب المعراج. نظمها على شكل البديعيات المدائحية النبوية، التي من أشهرها بديعية عز الدين الموصلي، وبديعية صفي الدين الحلي، وجلال الدين السيوطي، وابن جابر الأندلسي، وعشرات بديعيات في الغرض. وقد نظم هذه البديعية في ظرف قضائي له في محكمة كولخ، كان فيه المدعى عليه، والمنتصر بعون الله، كما فصل (الشارح) كل ملابسات تلك القضية في مقدمة هذه القصيدة.

إضافة إلى مئات قصائد في مدح جناب النبي وآله وصحبه، قالها في أزمان مختلفة، ومناسبات متنوعة،  استعمل فيها من البحور الشعرية الخليلية غير المضارع والمنسرح والمقتضب، بجميع أشكال القوافي، في كافة الحروف الهجائية والمقصور والممدود في المدعو ( الروي ) ، جمعها في ديوان سماه: عقود الجوهر، في مدح خير البشر، وهو ينيف على خمسة آلاف بيت. وقد قام بالشرح لنفسه بعض قصائده ومنظوماته، وإن كان جلها مشروحة من قبل علماء شناقطة علويين كانوا يرتادون مجلسه ومجلس أبيه، مثل الشيخ أحمد دهاه العلوي، والشيخ محمد المختار العلوي، وولده محمد بن محمد العلوي.
ومن أعماله في هذا المجال أيضا:
زاد المعاد، في تضمين بانت سعاد
-خالص الشهدة، في تضمين البردة. قال في تقديمه لهذه القصيدة: "... وبعد: فإني لم أزل مستهترا بحبه صلى الله عليه وسلم من نشأتي إلى أن شاب قذالي، زادني الله في ذلك وأماتني عليه... ولما ترعرعت أتاني أبي يوما أول النهار وناولني طرسا فيه البردة وأمرني بحفظها، فأتيت آخر ذلك النهار فأمليتها من صدري، ولم أزل مستحسنا لها..."
-السر المصون، والجوهر المكنون، في تضمين سل ما بسلمى بنار الهجر تكويني/ لعلامة الأندلس لسان الدين بن الخطيب.

وكان صاحبنا دائما ينظر إلى الأوائل، والمعجب بشعرهم، والمشهورين ببركتهم وصيتهم وقبولهم في مدائحهم للرسول صلى الله عليه وسلم، ويصنف نفسه وأدبه فيهم، ما جعله يقول للنبي عليه الصلاة والسلام:

وجاريت في ميدان مدحك سيدي
من البلغا الشم الكرام الأوائل

وهو القائل:

إن من يبتغِي وصولا بشأوي
في مديح المختار أي جهول

وفي ساحة القيامة يبغي أن يكون صاحب اللواء على كل المادحين للجناب النبوي قال:

وإن ينادي المنادي المادحين له
إلى الحكاية والترتيب في أمم

والرب يدعو وخير الخلق في ملإ
من الصحابة أبغي الحمل للعلم

وفي الأبيات التالية التي من كتابه (خالص الشهدة، في تضمين البردة) تجد مدى مزاحمته لفطاحل المجال،  وكيف تأثر أيضا بنهج البردة للشاعر المصري أحمد شوقي، وإن ظهر بصورة متواضع كعادته:

أساجل القوم في أمداحه شغفا
طورا وطورا يريني لاعج السقم

إني وإن حكت أمداحي لمعترف
بالعجز عن بردة أعيت على الأمم

ولا أعارض ما يرميه من درر
من ذا يعارض سيبا باكر الديم

من خالص الحب أخلصت المديح وهل
في خالص الحب إلا خالص الكلم

لكن أضمن أسلوبا ببردته
منمقا ببديع رائق الحكم

فحبه للنبي صلى الله عليه وسلم قديم فيه، يقول: " فإنني منذ ناهزت الفطام، وترعرعت وصرت غلام، ما زلت في اليقظة والمنام، أهوى من جعله الله خير الأنام...." 
بل ويحدث أن النبي ضمه إلى صدره، وألعقه لسانه الشريف؛ ما جعله لا يعرف بالضبط متى أحسن العربية:

صافحته بيميني ثم حدثني
وضمني ضمة صحت بها عللي

وكان وهو رضيع ربما يسمع متسولا يسترق القلوب، ويستدر الجيوب بترنيم أناشيد نبوية؛ فيلفظ ثدي أمه ويتمايل مع المنشد.
خامر الحبُّ منه سوداء قلبي
وأنا في مهدي رضيع لبان

 ومن أوائل شعره:

يا الله يا بر يا منشي الخلائق يا
وهاب يا باسط الأرزاق كالديم

فهب لنا كرما زادا يبلغنا
ديار حبك قبل الشيب والهرم

حتى أنيخ بمن كانت محبته
قبل انفطامي وقبل الدرك للحلم

والقارئ لشعره أيضا يلاحظ كم هو متشرب بمفردات الحب ومعانيه، وشكواه لتباريح الوجد وآلامه، ما يذكر القارئ بسلطان العاشقين عمر بن الفارض، وإن كان في الغالب يئن بأعباء هذه المودة في إطار الاغتباط والتحدث بنعمة مولاه، وقد يأتي أحيانا قريبا من الشطح والتواجد المعروف عند رجال العرفان، نقرأ مثلا:

إني تحملت ثقلا لو تحمله
ثهلان لاندك أو أمسى كوعساء

أكاتم الحب مني ثم يظهره
دمعي الجموم ونار بين أحشائي
                                -----
سقيم لا يموت ولا يفيق
تحمل قلبه ما لا يطيق

تحمل من هوى الختمي داء
دواه ما يبين له الطريق

وفي الجفنين منه والحوايا
تنازعت الغمائم والحريق
                                -----
لو قابلت حر ما أشكوه من ألم
صم الصخور للانت أيما لين 

ولو تقابله النيران لانطفأت
فلن تراها لشيء ذات تسخين
                                ------
كم يحمل القلب ما قد يعجز البدن
عنه وتندك عن أسرارها القنن

حوى من السر أسرارا مكتمة
ومن جواهر علم ما لها ثمن

هذا التحدث - لا الدعوى - بأنعمه
فإنني عظمت منه لي المنن

وهي معان ذوقية إشراقية، نقرأها في مثل شعر ابن الفارض، وإبراهيم الدسوقي، والحلاج الذي كان مترجمنا يردد بيته هذا كثيرا:

سقوني وقالوا لا تغني ولو سقوا
جبال حنين ما سقوني لغنتِ

ونكاد نطيل، مع أننا مهما أطلنا فغيض من فيض، ونزر من كثر، فالرجل بشخصه وأعماله موضوع بحث لأطروحات متنوعة، في تخصصات متباينة، وقد أشار إلى تعدد أبعاده العلمية شارح ديوانه (الكبريت) في المقدمة.  لكنه لا بأس أن نختتم بسرد شيء من أشعاره النبوية كالتالي:

قف بالربوع البوالي
وابك السنين الخوالي

ولتسقها كل دمع
يهمي كفض اللئالي

دور عهدت أهيلا
بها زمان الوصال

أنستك في كل دار
وكل أهل ومال

إن غادرتك رسوم
منها حليف خبال

وأوقدت باشتياق
في القلب جذوة صال

فقد سقيت رحيقا
للوصل عذب المنال

مذ صرت أغدو وأمسي
في حب خير الرجال

ولا أصيخ لعذل
فيه ولست أبالي

من يشغل الذهن منه
في حسنه المتلالي

يستقبح الحور ترنو
أصلا بعيني غزال

وكل أشنب عذب 
يزري بشوك السيال

وكيف لا وهو عمري
أصل لكل جمال

من نوره كل بدر
يبدو وشمس الزوال

وله أيضا:

هاج شوقي دارسات المغاني
فارقتها ناعمات الغواني

قد عفتها رامسات السوافي
والملث الساكب المتداني

قد خلت من خرد ناعمات
لحظها يصطادنا بطعان

صد قلبي عن هواها هوى من
حبه لي ديدن مذ زمان 

سيد الكون الحبيب مرامي
من له فضل بدا للعيان

فهو نور الكون والسر فيه
ذو مقام قدره غير دان

مظهر من نور قدس، محلى
بصفات لم ينلهن ثان

فهو باب السر وهو المرجى
وهو فيض دائم الفيضان

كم سقاني من شراب بكأس
من مدام رقرقت بالدنان

كأس سر شَرْبها في سرور
وانبساط يا لهم وتدان

قد أديرت كأسها بيميني
بين قومي من سقاهم سقاني

إن قلبي من لهيب اشتياقي
في ضرام لج في الهيمان

هذا، وبعد عيش ملؤه عطاء وإنجازات باهرة، يرحل عبد ربه محمد آمنة نياس ابن الحاج عبد الله إلى جوار ربه، وذلك ليلة الاثنين ٢١ شعبان عام ١٣٧٨عن عمر ثمانين سنة يوافق فيها عمر شيخه الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه، ويوافق ذلك بالفرنج ٠١-٠٣-١٩٥٩. يترك خلفه ذرية صالحة، وتراثا علميا ضخما، يحتاج إلى الآن عناية علمية حصيفة، ونشره بنطاق أوسع، وإن تقدم في ذلك محاولات موفقة إن شاء الله، وبدأنا نجد دراسات جامعية لبعض ذلك، ولله الحمد، وله الأمر من قبل ومن بعد.
 فالله يؤويه في برزخ رحمته وغفرانه ورضوانه آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من مصادر ومراجع ترجمته:
-مطرب السامعين/ لابن أنبوج الشنقيطي
-رياض السلوان، فيمن اجتمعت بهم من الإخوان/ للشيخ أحمد سكيرج
-الاكتفاء، بشرح مرآة الصفا/ للعلامة أحمد دهاه الشنقيطي
-شرح ديوانه الكبريت الأحمر، في مدائح القطب الأكبر/ للعلامة محمد بن محمد المختار الحسني العلوي.
-الأدب العربي السنغالي، للدكتور عامر سمب
-التجانية في الأدب العربي السنغالي/ للدكتور عثمان جاه
- المدح النبوي، في شعر الخليفة الحاج محمد نياس/ محمد جما كاه (الماجستير)
-الفلسفة الأخلاقية، في شعر الشيخ محمد الخليفة نياس/ أحمد التجاني برهام نياس.
- أعلام الهدى، في غرب أفريقيا/ للأستاذ سعادة السفير محمد جوف - الجزء الثاني
-الإيناس، في حياة وأعمال الخليفة محمد نياس/ للمرحوم الأستاذ شيخ تجان غاي (مفتش عربي) 
-الخليفة الحاج محمد نياس صاحب البصمات الراسخة، والكرامات الخالدة/ للأستاذ محمد الهادي نياس.

مَفَالْ آمنة تشامْ ابن الحاج أحمد تَبَرَ- معلم اللغة العربية والتربية الإسلامية في المدرسة العمومية السنغالية

Partagez :